???? زائر
| موضوع: مرحبا بابنتي" [زوايا جديدة لقصص السيرة] جدا رائع! الأربعاء سبتمبر 16, 2009 8:00 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
إن للحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ,, ثم أما بعد..
هذا موقف من سيرة خير البشر وسيدهم وقدوتهم ولكن بزاوية جديدة تعكس تعامله صلوات ربي وسلامه عليه مع أهله وحبه لهم وبأسلوب جدا رائع صاغه الشيخ عبدالوهاب بن ناصر الطريري في كتابه المبارك { لوحات نبوية },, أجزل الله له الأجر والثواب وبارك فيه وجعله في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ( آمين )
فإليكم أخوتي هذا الموقف العاطفي الراقي بعنوان " مرحبا بابنتي " :
كانت أشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم سمتا وهديا ودلا, لا تخطي بقيامها قيامه, ولا بقعودها قعوده, ولا بتكفئها إذا مشت مشيته, ولا بحديثها إذا تحدثت حديثه, وكان تعامله صلى الله عليه وآله وسلم معها على أرقى مستوى من العاطفة الأبوية والاحتفاء الكريم.
كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا زارته البضعة النبوية قام إليها يتلقاها ورحب بها قائلا: (( مرحبا بابنتي )).
ثم أخذ بيدها وقبلها, وأجلسها في مكانه الذي كان جالسا فيه مبالغة في الحفاوة والمحبة والإكرام, وإذا زارها هو قامت إليه ورحبت به وأخذت بيده وقبلته وأجلسته مكانها في صورة غاية في الأدب والاحترام المتبادل, وعلى أجمل ما تكون حفاوة الولد بالوالد.
كان هذا الحب الأبوي الدافق من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها يتلقى بحب ابنته البارة التي تتذوق حبه وتبادله إياه محبة واحتفاء وبرا.
فلما مرض صلى الله عليه وآله وسلم مرضه الذي توفي فيه أرسل إليها يدعوها إليه, فأقبلت تمشي لا تخطئ مشيتها مشية أبيها صلى الله عليه وآله وسلم, فلم يقم صلى الله عليه وآله وسلم كما كان يقوم, ولم يتلقاها كما كان يتلقى, فإن العافية قد انهزمت في بدنه الشريف, وقد أمضه المرض ونهكته الحمى, وإذا بفاطمة رضي الله عنها تنكب عليه تقبله, وقد كان هو الذي يبادر لتقبيلها, فأجلسها عن يمينه فما كان يستطيع أن يقوم عن مكانه وقد كان يقوم لها عنه. جلست فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأطاف بهما أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فلا تغادر منهن امرأة, فتحدث إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما شاء الله أن يتحدث, ثم أسر إليها وأصاخت إليه, وأزواجه يرقبن هذه النجوى وينظرن أثرها على وجه فاطمة الوضيء المنور.
وإذا بفاطمة رضي الله عنها تتلقى النجوى بتأثر بالغ عرفه أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بكائها الذي لم تستطع أن تغالبه, فقد بكت بكاءً شديدًا, وعجب أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخصها أبوها بالسر من بينهن ثم هي تبكي, وقالت لها عائشة رضي الله عنها: خصك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسر من بيننا ثم أنت تبكين؟ ولو علمن ما أسر به لعذرنها ولبادرنها البكاء.
ثم إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسر إليها أخرى وقد رأى بكائها وتأثرها, فما زال يناجيها حتى استنار وجهها وبرق محياها وضحكت بعد تأثر وبكاء.
فعجب أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسرعة تغير انفعال فاطمة من بكاء إلى ضحك, ومن حزن إلى فرح, حتى قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن, قد كنت أظن فاطمة أعقل النساء فإذا هي من النساء – يعني في سرعة تغير انفعالها – وما علمت عائشة رضي الله عنها سبب هذا التغير حينئذ ولو علمته لعذرت ولعلمت أن هذا دليل آخر على كمال عقلها وعظيم حبها لأبيها.
فلما قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سارعت عائشة إلى فاطمة تسألها عن السر الذي أضحكها وأبكاها وما قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فقالت فاطمة رضي الله عنها: إني إذا لبذرة ( أي مضيعة لا أحفظ السر ) ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ولم يلبث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك إلا يسيرا حتى توفي ولحق بالرفيق الأعلى, فقالت لها عائشة: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني. فاستجابت فاطمة رضي الله عنها حينئذ لأن السر صار علنا, والخبر صار عيانا, ولم يعد ثمة سر يفشى, وقالت: أما الآن فنعم, أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة , وإنه قد عارضني به العام مرتين, ولا أرى الأجل إلا قد اقترب وأني مقبوض في وجعي هذا, فاتقي الله واصبري, فإني نعم السلف أنا لك. فبكيت بكائي الذي رأيت, ثم سارني أنني أول أهل بيته لحوقا به وقال: (( ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة )). فضحكت لذلك, واستبان حينئذ لعائشة أن بكاء فاطمة وضحكها, وحفظها للسر يوم حفظته, وإخبارها يوم أخبرت به كل ذلك دلالات أخر على فقهها ووفور عقلها, وكمال فضلها وشرفها, فصلوات الله وسلامه وبركاته على سيدة نساء العالمين, البضعة النبوية والجهة المصطفوية. |
|