أن كل معصية من العاصي هى ميراث عن أمة من الامم التى أهلكها الله عز وجل
فالوطية ميراث عن قوم لوط
وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث عن قوم
شعيب
والعلو في الارض بالفساد ميراث عن قوم فرعون
فالعاصي لابس بعض ثياب الامم وهم اعداء الله
قال مالك بن دينار:إن شيطان الانس اشد من شيطان الانس، وذلك إذا تعوذت بالله ذهب عنى شيطان الجن,وشيطان الانس يجيئنى إلي المعاصي عيانآ)
إن المعصية تورث الذل ولابد,فإن العزة في طاعة الله تعالي لقوله:
((من كان يريد العزة فلله العزة جميعآ))
ومن دعاء اهل السلف:اللهم اعزنى بطاعتك ولا تذلنى بمعصيتك
قال يحيي بن معاذ:سقم الجسد بالاوجاع وسقم القلوب بالذنوب, فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه فكذلك لا يجد حلاوة العبادة مع الذنوب.
رأيت الذنوب تميت القلوب*****وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب*****وخير لنفسك عصيانها
وهل أفسد الدين إلا الملوك*****وأحبار سوء ورهبانها
وأن الذنوب تدخل العبد تحت لعنة رسول الله صلي الله عليه وسلم فإن لعن علي المعاصي والتى غيرها أكبر منها فهى اولي بدخول فاعلها تحت اللعنة.
لعن الواشمة والمستوشمة والواصلة والموصلة, والنامصة والمتنمصة.
ولعن اكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.
ولعن المحل والمحلل له.
ولعن شارب الخمر وساقيها وعاصرها ومعتصرها ومشتريها واكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه.
ولعن من لعن والديه.
ولعن من اتخذ شيئآ فيه روح غرضآ يرميه بسهم.
ولعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء.
ولعن الذبح لغير الله.
لعن المصورين.
ولعن افساد امرأة علي زوجها.
ولعن زوارات القبور.
ولعن من أتى امرأة في دبرها واخبر أن من با مهاجرة لفراش زوجها لعنتها الملائكة.
ولعن من جعل سبيل الكافرين أهدى من سبيل المؤمنين.
ولعن من يرمون المحصنات الغافلات والمؤمنات بالفاحشة.
ولعن الرجل يلبس لبسة المراة والمراة تلبس لبسة الرجل.
ولعن الكاسيات العاريات والملئلات والمميلات.
ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم وتحل النقم وتسوء الخاتمة
فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب كما قال علي بن أبي طالب ضي الله عنه :
(ما نزل البلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة)
وقد اخبر ربنا عز وجل أنه لا يغير نعمة التى انعم بها علي احد حتى يكون هو الذى يغير ما بنفسه .
فإن غير بالطاعة المعصية غير الله العقوبة بالعافية, والذل بالعزة
((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذاأراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال))
فمن ترك المعاصي لله عز وجل عوضه الله خيرآ مما ترك
وقد كتب شيخ الاسلام ابن القيم الجوزية:
((فمن ترك محبوبه حرامآ فبذل له حلالآ, أو أعاضه الله خيرآ منه)
وعنوان هذا الباب وقاعدته أن من ترك شيئآ لله عوضه خيرآ منه قال يحيي بن عامر التيمى: خرج رجل من الحى حاجآ, فورد بعض المياه ليآ فإذا هو بأمرأة ناشرة شعرها, فأعرض عنها , فقالت له: هلم إلي, فلم تعرض عنى؟ فقال: إنى اخاف الله رب العالمين, فتجلببت, قم قالت, هبت والله مهابآ , إن أولي من شركك في الهيبة لمن أراد أن يشركك في المعصية, ثم ولت فتبعها فدخلت بعض خيام الاعراب.
قال: فلما أصبحت أتيت رجلآ من القوم فسألته عنها. وقلت: فتاة صفتها كذا وكذا, فقال هى والله بنتى, قفلت: هل انت مزوجى بها؟ فقال: علي الاكفاء فمن انت؟ فقلت: رجل من تيم الله. فقال: كفؤ كريم فما رمت حتى تزوجتها ودخلت بها ثم قلت جهزوها إلي قدومى من الحج, فلما قدمنا حملتها إلي الكوفة, وها هى دى ولي منها بنون وبنات.
ويروى مشايخنا أن طالبآ من طلاب الأزهر قدم من بلاد الصعيد أيام كان الأزهر أزهرآ,فجلس في حلقة شيخه وتأخرت نفقته من الصعيد ففارق حلقة الشيخ عساه يحصل كسيرات من الخبز ولقيمات يقتات بها ويتقوى عليها.
فبينا هو إذ دخل في شارع ضيق فوجد بابآ مفتوحآ ووجد خزانة من طعام فمد يده إلي الطعام وكان من المحشي, ثم بعد أن تناول قطعة منه ووضعها في فمه تذكر أنه جاء ليطلب العلم, والعلم نور والاكل من هذا الطعام دون أن يستحل صاحبه يظلم القلب ولا يجتمع أبدآ النور مع الظلمة, وسيطرد احداهما الاخر قترك هذا الطعام وعاد لحلقة الشيخ وبه من الجوع مالايعلمه إلا الله.
وبعد أن انتهى الدرس غذا بامرأة تأتى وتكلم الشيخ كلامآ لا يفهمه الحاضرون, ثم قال الشيخ لطالب العلم هذا: يا عبد الله ألك رغية في الزواج؟
قال أتهزأ بي, والله من ثلاث أيام ما دخل في جوفي طعام فكيف أتزوج؟
قال الشيخ: إن هذه المرأة تذكر أن زوجهال توفي
وترك بنتآ واحدة وكان ذا ثروة ومال كثير وتريد أن يتزوج ابنتها رجل صالح يعيش معها ومع ابنتها وينمى المال ويرعاه.
فقال: ان كان كذلك فلا بأس, فخرج الشيخ والتلميذ والمرأة والحاضرون يسيرون حتى دخلوا البيت والذى دخله هذا الشاب من قبل فلما وضع الطعام بكى هذا الشاب.
فقال له الشيخ: لم تبكى؟؟ هل اكرهناك علي الزواج؟؟
قال: لا, لكنى قبل سويعات دخلت هذا البيت لآكل من هذا الطعام الذى بين أيدينا فتذكرت انه حرام فتركته لله فأعاد الله ألي هذا الطعام ومعه غيره عن طريق الحلال
((ومن يتق الله يجعل له مخرجآ ويرزقه من حيث لا يحتسب))