في
قمة الراحة والهدوء حيث النوم يطيب لعينيك وجسدك وفي غمرة الرؤى والأحلام
وعندما يستجمع البدن الدفء من البرد .. تصدح المساجد بذلك ا[size=18]لنداء
" الصلاة خير من النوم , الصلاة خير من النوم " ... أفي هذا الوقت ؟! أعند
هذه الراحة ؟! أفي هذا السكون ؟! .. نعم .. إنه موعد اللقاء لاختبار الحب
ومعرفة المطيع ومشاهدة المحسن ...
إنه لقاء الفجر حيث تنام عيون
العاصين و يقوم المقربون تاركين لذة النوم ومتعة الزوجة ولين الفراش
للوقوف بين يدي ربهم في لقاء الفجر .. وإنه لصدق فما أضافه الرسول – صلى
الله عليه وسلم – لنداء الفجر " الصلاة خير من النوم " صِدق وأنت إن كنت
مصدقا نبيك – ولا شك عندي في ذلك – فبقي أن تعلم أنها مسألة إيمان أن تجيب
أو لا تجيب
أين أنت ؟!
انه
السؤال المحرج .. تعرف جوابه ويعرفه فراشك .. لكن ألم تسأل نفسك مرة ؟!
ألم تصارح قلبك يوما ؟! أم أن النوم ينسيك الأمر والدفء يذهب من عقلك
الفكر ؟!
أخي ... في كل يوم نفتقدك .. في كل فجر لا نراك .. قد أحسنا
بك الظن مرات ومرات .. لكن اعذرني الخطب ليس هين .. إنه دليل الحب وبرهان
المؤمن من المنافق
لقد ساق الله إليك هذه الكلمات لأنه يحبك ويريد أن يقيمك بين يديه فأعطاك السبب وبقي منك العمل .. فهل تعمل ؟
قم فقد أساء القوم بك الظن
يقول
عبد الله بن عمر في كلمات كالسياط " كنا إذا افتقدنا الرجل في الفجر
والعشاء أسأنا به الظن " .. لقد كانت المدينة كلها تخرج للفجر .. من كبر
سنه وانحنى ظهره ووهن عظمه وابيض شعره .. ومعهم كل شاب وصغير حتى لو تخلف
واحد منهم يوما علموا .. فكيف ..لو تخلف كل يوم ؟!
عذرا .. ليس هذا الفجر
ويعلم
اللبيب أن مقصدنا من الفجر أن يكون في المسجد .. فمن ينزع نفسه بتثاقل
ويتوضأ بكره وينقر الركعات بجوار فراشه وهو نائم ثم يعود فيحتضن غطاءه ..
فما هي بصلاة وما هو بفجر .. إنما الفجر هو الجماعة في المسجد
فاحضر مع الملائكة
يقول
النبي – صلى الله عليه وسلم – " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس
وعشرون درجة وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر " صحيح ..
ويقول الله " إن قراءن الفجر كان مشهودا " الإسراء 78 .. أي تحضره ملائكة
الليل والنهار يستمعون لقراءتنا فيها .. فبربك صلاة في حضور نفسك كصلاة في
حضور الملائكة ؟!
انعم بهذه البركات1- وعد بالجنة ورؤية القدوس ...
يقول الصادق – صلى الله عليه وسلم – " من صلى البردين –الفجر والعصر – دخل
الجنة " صحيح .. إنه وعد بالجنة ولا تدري لعل هذه الركعات تكون سبب دخولك
الجنة .. فهلا عقدت العزم ووقعت الصفقة .. ارم شيطانك وطلق راحتك واهجر
فراشك وانتظر الجنة ومزيدها وهو أحب شيء في الجنة وهو النظر لوجه الله
الكريم ..
من بركات الفجر التي لا تعد
1-
وعد بالجنة ورؤية القدوس... يقول الصادق – صلى الله عليه وسلم – " من صلى البردين –الفجر والعصر –
دخل الجنة " صحيح .. إنه وعد بالجنة ولا تدري لعل هذه الركعات تكون سبب
دخولك الجنة .. فهلا عقدت العزم ووقعت الصفقة .. ارم شيطانك وطلق راحتك
واهجر فراشك وانتظر الجنة ومزيدها وهو أحب شيء في الجنة وهو النظر لوجه
الله الكريم ..
ولأهل الفجر خصوص لرؤية ربهم بشرهم بها النبي –
صلى الله عليه وسلم – فقال " أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا – القمر
ليلة البدر- لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل
طلوع الشمس وقبل غروبها " صحيح
2
- نجاة من النار ...
فمن سعى للفجر في لهفة وشوق للوقوف بين يدي مولاه وهبه الله الأمان بقول
النبي – صلى الله عليه وسلم – " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل
غروبها " صحيح .. وما فرط الحسن البصري في صلاة الفجر يوما أو تهاون لكنه
كان يخاف النار وقد اُخبر أن رجلا قال لأخيه : هل أتاك أنك وارد على النار
؟ قال : نعم قال : هل أتاك أنك صادر عنها ؟ قال : لا قال : ففيم الضحك ؟
فما رؤي بعدها ضاحكا حتى لقي الله ...
إن أحدنا قد يضحك كل يوم ألف
مرة ملء فيه وينام كل ليلة ملء عينيه وهو يعلم أنه وارد على النار ولا
يعلم أنه ناج منها فإلى متى الضحك والنوم ؟!
3- حصانة ربانية... ويأبى الله الكريم إلا أن يرعى بعينه التي لا تنام مصلي الفجر الذي
بدأ يومه الجديد بالصلاه له والثناء عليه فتنزل الرحمة ويغشاه الأمان
ويضيع الخوف وتصبح الدنيا أمامه صغيرة ضعيفة لو اجتمعت على ضره ما ضرته
إلا ما كتب الله عليه من الضرر .. يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – " من
صلى الصبح – وفي رواية في جماعة – فهو في ذمة الله " صحيح .... فإن خفت
يوما من ظالم أو طاغية فابدأ يومك بصلاة الفجر ... ولا تخف .. فأنت في ذمة
الله ... إن خرجت يوما مسافرا تخشى مخاطر السفر وتخاف وحشته ولا تأمن على
نفسك فابدأ يومك بصلاة الفجر ... ولا تخف .. فأنت في ذمة الله ...
إن
أحسست أنك مهزوز الثقة مضطرب الحال مشتت العقل فابدأ يومك بصلاة الفجر ...
ولا تخف .. فأنت في ذمة الله ... إن كان لك تجارة تخشى كسادها وبضاعة لا
تأمن رواجها وصفقة تخاف من ورائها فابدأ يومك بصلاة الفجر ... ولا تخف ..
فأنت في ذمة الله ... إن كان عندك امتحان وخشيت الإخفاق وعدم التوفيق
فابدأ يومك بصلاة الفجر ... ولا تخف .. فأنت في ذمة الله ... في كل يوم في
حياتك ابدأ يومك بصلاة الفجر ... ولا تخف .. فأنت في ذمة الله ...
4-
هي مقياس الإيمان... إذ أن رجال الايمان أول الناس زحفا إلى صلاة الفجر وهي عليهم خفيفة
سهلة لينة أما سواهم فنقل الجبال أيسر عليهم من صلاة الفجر .. يقول النبي
– صلى الله عليه وسلم – " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة
الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " صحيح ..
فهي علامة
الإيمان ودليل قاطع وبرهان ساطع بخلاف جعجعات الأقوال وتمني الأعمال يقول
عبد الله بن مسعود " كنا نشهد صلاة الصبح مع النبي – صلى الله عليه وسلم –
في جماعة .. وما يتخلف عنها إلا منافقا بَيِّن النفاق "
5- والملائكة يشهدون... ومما أكرم الله به صلاة الفجر أن خصها بملائكة من عنده تنزل إلى
المساجد وقتها تشهد صلاة المصلين وتبارك جمعهم وتستغفر لهم وتشهد عليهم
حين يسألهم ربهم – وهو أعلم – كيف تركتم عبادي ؟ يقولون " تركناهم وهم
يصلون وأتيناهم وهم يصلون " صحيح ..
والحكمة من شهادتهم استدعاء
الخير لبني آدم ولإظهار الحكمة في خلق الإنسان في مقابلة من قال من
الملائكة " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس
لك قال إني أعلم ما لا تعلمون " البقرة 30 .. أي وجد فيهم من يسبح ويقدس
مثلكم بنص شهادتكم
6- أول النصر .. صلاة الفجر... فمن لم يجاهد نفسه ليقوم للفجر فكيف يجاهد عدوه ويقاوم خصمه ولن يلبي
نداء الكفاح والجهاد إلا من كان يلبي نداء الفجر ومن خان حي على الصلاة ..
يخون حي على الكفاح .. وهكذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا أتى
قوما بليل لا يغير عليهم حتى يصبح فالفجر يمده وصحبه بروح النصر ولا أدل
على ذلك من يوم خيبر ..
وعلى الدرب سار الأبطال الفاتحون وهكذا
كان خالد بن الوليد وسيف الدين قطز بل ان يوسف بن تاشفين هزم الصليبيين في
معركة الزلاقة بعد أن صلى الفجر بالمسلمين في ساحة المعركة وفي أحداث
نهاية الدنيا ينزل عيسى – عليه السلام- على المسلمين الواقفين لصلاة الفجر
في بيت المقدس فيصلى معهم الفجر وليست مصادفة بل هي تأكيد أنها لحظات
تغيير ولحظات نصر وبركة
7- وبركات أخرى... قال حبيبنا – صلى الله عليه وسلم – " من شهد العشاء فكأنما قام نصف
الليل ومن شهد الصبح فكأنما قام ليلة " صحيح ... " أفضل الصلوات عند الله
صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة " صحيح ... " من صلى الغداة في جماعة ثم
قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة
تامة تامة " صحيح ... " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام
يوم القيامة " صحيح
حتى نافلتها
وللنافلة
نصيب من الخير والبركة ببركة الصلاة .. يقول النبي – صلى الله عليه وسلم –
" ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " صحيح وتشهد أمنا عائشة أن النبي –
صلى الله عليه وسلم – لم يكن على شيء من النوافل أشد منه تعاهدا على ركعتي
الفجر
ضاع منك الفجر .. والأجر
أخي ... مع كل ما فاتك من
البركات والأجور أما زلت مصمما على النوم ؟! .. ياقليل النظر في أمره ..
يا غافلا عن صلاة فجره .. كلما دعيت إليها تتخلف وإذا قيل لك تب تسوف ما
يعجبك في النوم الغفلة أم الراحة ؟! ... إن كانت الغفلة فعند نفسك من
الغفلة ما يكفيها .. وإن كانت الراحة ففي القبر نوم طويل وراحة فخذ ما
أردت منها هناك
أخي ... جد المشاؤون في الظلم وأنت قاعد .. وقربوا وأنت تتباعد .. وسارعوا وأنت مازلت راقد .. فإلى متى أنت في الأجر زاهد ؟!
ألا
فقم وول عنك الكسل وجرب أن تخرج اليوم لصلاة الفجر وادع وابتهل لمولاك
عساه يطلع على قلبك فيرى صدقك فيقيمك بين يديه كل فجر .. ولن تجد خيرا من
ذلك